محمد وردي من سطات
لازالت الغابة الحضرية بالمدخل الشمالي لمدينة سطات تعيش الإهمال والنسيان من طرف الجهات المعنية، حالها حال مشروع منتزه بحيرة المزامزة الذي استغرق وقتا طويلا لتهيئته الشاملة، حيث تسير الأشغال ببطء كبير، وحاليا متوقفة في ظروف غامضة مجهولة أسبابها، رغم المبالغ المالية الضخمة التي رصدت لهذا المشروع، ليكون جاهزا في وقته المحدد والمعلن عنه في دفتر التحملات الملزم بشروط والتزامات في إطار القانون، والذي تم إطلاقه قبل حوالي عشر سنوات.
وتعتبر بحيرة المزامزة متنفسا حيويا وفضاء ترفيهيا ورياضيا تتوفر فيه جميع الشروط البيئية والصحية، وهو المشروع الذي عرف في وقت سابق عدة تعثرات منذ انطلاق الأشغال إلى الآن، حيث تحولت البحيرة اليوم إلى مكان تغطيه الأشواك الطفيلية، بعدما تم شفط المياه على أمل القيام بإصلاحات وتأهيل الفضاء.
لكن مع مرور الوقت يبدو أن المشروع أضحى صعب المنال في غياب الإرادة وروح المسؤولية والجدية لدى المسؤولين المعنيين بهذا الورش الكبير والمهم، وقد صار حديث الخاص والعام، بل تداولته مواقع التواصل الاجتماعي عبر تدوينات على صفحاتها.
وتبقى التحديات التي يواجهها المنتزه، غير كافية لضمان سلامة الموقع وتثمين مؤهلاته، في وقت أضحت فيه مسألة البيئة، تكتسي راهنية أكثر، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
بحيرة المزامزة اليوم عبارة عن أطلال تسكنها الأشواك والأعشاب، في غياب أي تدخل من الجهات الوصية، باستثناء مجرى واد بوموسى المار بجانب البحيرة، الذي ما زال يأتي بأطنان مكعبة من المياه التي ترمي بها الوحدات الصناعية، وهو ما بات يشكل مصدر روائح كريهة عند مدخل المدينة، تطرح معها أكثر من علامة استفهام حول هذا التأخير، دون أن يكلف المجلس الإقليمي، حامل المشروع، الخروج بتوضيح لكل المعنيين من سكان سطات وزوارها، رغم اتصالنا به رئيس المجلس غير ما مرة لكن هاتفه ظل يرن دون جواب، كما بعثنا له رسالة نصية أيضا عبر تطبيق واتساب لاطلاعه عن فحوى الموضوع. مستحضرين مقتطف من خطاب ملك البلاد الذي جاء فيه:
(والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل) مأخوذ من نص الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك بمناسبة حلول الذكرى 18 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين.
إنها ليست مسألة الميزانية، وإنما هو عدم الالتزام بالمسؤولية والعمل بالجدية والعقلانية، وفق منهجية واستراتيجية واضحة تروم إلى تفعيل الارادة السياسية، والتخطيط السليم لبلوغ الأهداف وتحقيق التنمية المرجوة ، فهل هو استهتار بالمسؤولية أم بالمواطنين؟!!. طبقا لقول صاحب الجلالة في خطاب سابق (وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة) انتهى النطق الملكي السامي.
فتعثر مشروع تأهيل بحيرة المزامزة والذي كان المجلس الإقليمي السابق قد أطلق أشغاله، والتي لم يكتب لها الاستمرارية، بعد رصد مبالغ مالية من أجل إخراج المشروع في وقت محدد، بالإضافة إلى اعتماد مالي يخص الشطر الأول من المشروع يناهز 20 مليون درهم من اعتمادات المديرية العامة للجماعات المحلية، فيما تكلف المجلس الإقليمي بإنجاز تهيئة المساحات الخضراء بالإنارة العمومية اعتمادا على الطاقة الشمسية، فضلا عن وجود فضاء لألعاب الأطفال، وفضاء للرياضة، وإحداث ممرات للراجلين داخل فضاء البحيرة، وأكشاك، ومراحيض عمومية. بالإضافة إلى تجهيز مساحة وقطع أرضية من الفضاء نفسه ، بإحداث فندق وثلاث مقاه من بين مرافق أخرى، لكن لاشيء تحقق منها، في انتظار مستثمرين ومتدخلين جدد، كما يشمل الشطر الثاني من المشروع تنقية ومعالجة حوض البحيرة، ووضع وتركيب تجهيزات هيدروميكانيكية من أجل ضخ المياه وتقويتها، وإحداث رشاشات وأضواء، وملء حوض البحيرة بالمياه، وإنجاز ممرات للراجلين داخل الغابة الحضرية على مساحة 23 هكتارا.
وبالنسبة لسكان المدينة والمناطق المحيطة بها، تعد البحيرة والغابة المجاورة ملاذًا مفضلاً للنزهات في الهواء الطلق والمشي لمسافات طويلة وممارسة الأنشطة الرياضية في بيئة طبيعية وصحية، وفقا لوزارة السياحة، فإن تطويرها سيجعل من الممكن هيكلة العرض السياحي في المنطقة من أجل تلبية توقعات الزوار بشكل أفضل.
هذا وقد سبق لعدد من جمعيات المجتمع المدني بسطات أن اقترحت تغطية قناة وادي بنموسى، واستغلال البحيرة للقيام بجولات داخلها، بواسطة قوارب صديقة للبيئة أو رياضات مائية لإضفاء الجمالية وتوفير موارد مالية من خلال المشروع، في إطار تحريك جزئي للاقتصاد بفضل تواجد البحيرة وسط الغابة، وحزام أخضر طبيعي جاد به الله على المدينة قصد تثمين الفضاء وتطويره تنزيلا لقول صاحب الجلالة في أحد خطاباته( وما معنى المسؤولية، إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها، وهو الإنصات إلى انشغالات المواطنين؟). انتهى النطق الملكي السامي.
وفي تصريحات متفرقة استقتها جريدة الوطن العربي بخصوص منتزه بحيرة المزامزة، أعرب عدد من المواطنين عن تذمرهم وغضبهم الشديدين لهذا الوضع السيء، الذي تعرفه الأشغال بهذا المشروع، الذي طال انتظاره، ووجهوا اللوم إلى جمعيات المجتمع المدني التي تعنى بالبيئة، وتستفيد مقابل ذلك من الدعم العمومي في هذا المجال، متسائلين عن دورها في التواصل مع الجهات المعنية وخاصة المجلسين الجماعي و الإقليمي، باعتبار أن الدستور منحها بأن تكون قوة اقتراحية وشريكا أساسيا في التنمية والرقابة.
وفي السياق نفسه اعتبر أحد المواطنين، فضل عدم ذكر اسمه، أن رداءة الطريق المؤدية إلى البحيرة عبر الغابة وغياب الإنارة من المعيقات التي تقلل من أهمية المشروع، في غياب البنية التحتية الملائمة كتهيئة الطريق وتوفير الإنارة، وهو ما سيؤدي إلى نتائج عكسية كعرقلة تدخلات المصالح الأمنية بالشكل المناسب، في اتساع الرقعة الجغرافية والعمرانية للفضاء المذكور سالفا.
تجدر الإشارة إلى أنه قد أجريت دراسة شاملة، وعقدت اجتماعات برئاسة عامل اقليم سطات دعا خلالها إلى العمل على تسريع الأشغال لإخراج مشروع منتزه البحيرة إلى الوجود.
المصدر : https://chamssalhakika.ma/?p=5774