.محمد وردي
الجدية والانضباط و العمل المشترك المسؤول عنوان لأي مشروع تنموي او إصلاحي
بداية، يجب التذكير بأن من أهم المستجدات القانونية ببلدنا التنصيص الدستوري على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك في الفصل الأول من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الذي ينص على: “(…) يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة (…)”.
عقد المجلس الاقليمي لسطات يومه الإثنين 2025/01/13، بالقاعة الكبرى بمقر العمالة، اجتماعا موسعا، خصص لتدارس والمصادقة على ستة نقاط مدرجة ضمن جدول اعمال الدورة العادية لشهر يناير برسم 2025، بحضور عامل الإقليم السيد إبراهيم أبوزيد. ولعل ابرزها النقطة الثالثة، التي تمحورت حول مآل اتفاقيات شراكة لإحداث المراكز سوسيو رياضية وملاعب للقرب ببعض الجماعات بالإقليم، والتي أثارت جدلا واسعا ونقدا بناء موجه من المسؤول الترابي لعمالة اقليم سطات الى المسؤول التربوي بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بعاصمة الشاوية ، إذ خلقت نقاشا حادا، واضحت مادة دسمة في مواقع التواصل الاجتماعي ببن اوساط العالم الافتراضي حول تأخر إنجاز ملاعب القرب التي شكلت مؤخرا موضوع تساؤلات برلمانية حول أسباب التعثر والحلول المنتظرة .
هذا و تلعب ملاعب القرب دوراً محورياً في استراتيجية الدولة للتنمية الاجتماعية، حيث تُعتبر متنفساً للشباب، ومساحة لصقل مواهبهم، وتكريس قيم المواطنة والتضامن. وانطلاقاً من أهمية هذه الملاعب في تعزيز النسيج الاجتماعي، أطلقت المملكة المغربية الشريفة ، برنامجاً وطنياً طموحاً لبناء وتجهيز 800 ملعب قرب في المناطق الحضرية والقروية، بشراكة بين وزارة الشباب والرياضة، ووزارة الداخلية، ووزارة الاقتصاد والمالية، والجماعات الترابية.
إلا أن هذا البرنامج الوطني الطموح يواجه، للأسف، تأخراً ملحوظاً في التنفيذ، الأمر الذي دفع احد النواب البرلمانيين إلى توجيه سؤال كتابي لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يستفسر فيه عن أسباب هذا التعثر.
وأكد في سؤاله أن البرنامج، الذي يهدف إلى توفير 800 ملعب قرب لفائدة الشباب في مختلف جهات المملكة، يشهد تأخراً كبيراً في تحقيق أهدافه، وهو ما يُعدّ مُقلقاً نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع في تأطير الشباب وتعزيز بنياتهم الرياضية والاجتماعية.
وأشار النائب البرلماني إلى أن هذا التأخير يُثير استياءً بالغاً في صفوف الشباب، لا سيما في الجماعات القروية، في وقت تتعالى فيه الأصوات المُطالبة بمزيد من الاستثمار في البنية التحتية الرياضية، كآلية فاعلة للتصدي للآفات الاجتماعية.
وطالب الوزارة المعنية بالكشف عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا التأخر الكبير في إنجاز ملاعب القرب المبرمجة و الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها لتدارك هذا التأخير، وضمان تسليم هذه الملاعب في أقرب وقت ممكن.وهو ماطالب به عامل الإقليم السيد إبراهيم أبوزيد الذي مافتئ يولي اهتماما بالغا للرياضة والرياضيين ودعا الجهات المعنية الى الاسراع في بناء الملاعب وتجهيزها كاملة كما هو منصوص عليه في الاتفاقية وتحملها المسؤولية من خلال هذا الاجتماع الذي انعقد في تاريخه المشار اليه اعلاه ، لدورة يناير برسم 2025 للمجلس الإقليمي.
هذا واعربت فعاليات جمعوية تعنى بالشان الرياضي المحلي باقليم سطات، عن غضبها وقلقها الشديدين عن هذا التأخر الحاصل في مثل هكذا مشاريع، واستغربت لما آلت إليه الاوضاع لما يقارب 6 سنوات بخصوص ذلك خصوصا وان الجماعات التراببة المعنية باقليم سطات ، استوفت الشروط اللازمة مع المؤسسات المعنية، كما اشار رؤساء مجالسها لذلك وبان إحداث ملاعب القرب يساهم في نشر التنافس الرياضي بين ملاعب التجمعات السكنية، التي يحج إليها جمهور غفير من الأطفال والشباب للاستمتاع بـ”المستديرة”، والترويح عن النفس، وصقل المهارات، وهو ما لم يتحقق اليوم بالشكل المطلوب على مستوى جماعات الاقليم ، الشيئ الذي دفع السيد عامل الاقليم الإشارة إليه بكل روح وطنية وجدية ومسؤولية في مداخلته حول اشكالية هذا التعثر .ونحن مشرفون على استقبال شهر رمضان الأبرك الذي يُستحب فيه الشباب ومختلف الفئات العمرية مزاولة الرياضية وانشطة ترفيهية مصاحبة، حيث يتزايد الإقبال على المراكز سوسيو رياضية وملاعب للقرب بكثرة ، علما ان المملكة مقبلة على استضافة تظاهرات رياضية عالمية ودولية .
كما يتضح جليا للراي العام أن هناك فتيان يتمرنون بملاعب عشوائية على أراضي فلاحية خاصة، وهو ما يعكس درجة معاناتهم وهم يكابدون الأمرين، من اجل توفير فضاء للشباب والأطفال لتلقي تمارينهم وتداريبهم، بتجهيزات يتم توفيرها بمجهودات خاصة وتطوع بعض المحسنين وهو ما أستغرب له المهتمون بالشان الرياضي، فضلا على ان هناك بعض الجماعات ميسورة ، لكنها لا تتوفر على سياسة رياضية بالمنطقة التي تفتقر إلى أبسط المرافق.
و تعتبر الممارسة الرياضية “حقا من الحقوق الأساسية للإنسان، وهذا ما يتطلب توسيع نطاق ممارستها، لتشمل كافة شرائح المجتمع، ذكورا وإناثا على حد سواء، وتمتد لتشمل المناطق المحرومة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وبذلك تشكل الرياضة رافعة قوية للتنمية البشرية وللاندماج والتلاحم الاجتماعي ومحاربة الإقصاء والحرمان والتهميش”.
هكذا خاطب ملك البلاد الحاضرين في المناظرة الوطنية للرياضة، خلال شهر مارس من سنة 2013، والذي نزل على محبي كرة القدم وباقي أنواع الرياضة، نزولا أثلج قلب المولهين بحب المستديرة بجماعات الإقليم التي تعاني من الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، وشباب في حاجة إلى مرافق رياضية تحميه وتصقل مواهبه.
وفي هذا الإطار قام المسؤول الترابي لعمالة اقليم سطات السيد إبراهيم أبوزيد ، بزيارات تفقدية عديدة لهذه الجماعات في كثير من المناسبات من أجل معاينة مجموعة من المشاريع التي ستشهدها مستقبلا، ويتعلق الأمر بملاعب للقرب وما لها من أهمية في التجمعات السكنية، باعتبارها متنفسا مهما لشريحة الشباب، وفضاء حقيقيا لاكتشاف المواهب والنجوم الجديدة، لأن التعلم على أرضيتها يكون منذ الصغر، فإن “اطفالنا وشبابنا محرومون من هذه المرافق الرياضية”، يقول احد الفاعلبن الرياضيين فضل عدم الكشف عن هويته”.متسائلا”ما موقع المسؤولين من الرسالة الملكية للمناظرة الرياضية؟”.
وخلاصة القول، إذا كانت المسؤولية تنطوي على بعد أخلاقي قبل كل شيء، أو هكذا ينبغي أن يكون، فبعدها القانوني يعني أنها تتأسس على دعامتين: واجب الشفافية وضرورة دفع أو تقديم الحسابات. ولا يمكن الحديث عن حكامة جيدة، سواء تعلق الأمر بالجماعات أو أية مؤسسة أخرى، من دون وجود نظام متكامل يجعل من بين مرتكزاته قاعدة المسؤولية والمحاسبة.
لكن ، لا بد من توفير شروط العمل الموضوعية من حرية امتلاك المعلومات، والتواصل داخل المؤسسات، وتمكين المكلفين بالمسؤوليات من السلطات التي تمكنهم من اتخاذ القرارات اللازمة في إطار المسؤوليات المسندة إليهم، خاصة في حالة الجماعات ببلدنا. وذلك حتى تكون المساءلة عادلة عند الاقتضاء.
المصدر : https://chamssalhakika.ma/?p=9797