اللاجئون..كفى من العبث !!
168دولة و 425 منظمة و 4200 مشارك ،دون وسائل الإعلام والخبراء ووكالات الامم المتحدة. كل هولاء جمعهم المنتدى الدولي الثاني للاجئين GFR تحت سقف واحد بجنيف ،ايام 13 و 14 و15 دجنبر ٢٠٢٣ بمبادرة من المندوبية السامية للاجئين التي احدثت بناءا على اتفاقية جنيف لحماية اللا جئين لسنة 1951 .هذه المنظمة التي قال عنها المندوب السامي Filipino Grandi في الجلسة الافتتاحية انها وجدت أصلا لمعالجة مخلفات الحرب العالمية الثانية ولحماية (لاجئي الشمال ) في افق حلها وانهاء مهامها بعد ثلات سنوات فقط. فهاهي الان تجاوزت سبعين سنة من عمرها بل اصبحت تعتبر اهم آلية للأمم المتحدة في مجال العمل الإنساني .
منتدى جنيف لم يعقد لإعداد قرارات جديدة او تحيين استراتيجيات بل عقد اساسا لاستعراض الواقع الدولي لقضايا اللجوء واللاجئين، وفي نفس السياق لتقديم وتجديد الدول والمنظمات تعهداتها Pledges ،ولا أقول الالتزامات engagements لأنها تفتقد إلى الدقة و الجدولة الزمنية وقد بلغت في هذا اللقاء العالمي 1600 تعهدا (نوايا حسنة) لكن يبقى من حسنات هذا المنتدى انه أخرج إلى الملأ سبع حقائق كان لا يعلمها إلا اهل الاختصاص ،ولا يكتوي بنارها إلا لاجئوا الجنوب -اما مرحلوا أكرانيا فلا يشعرون بها رغم قساوة البرد باروبا .وللذكرى فقط فعندما وقع ما وقع باكرانيا تم تسجيل 4,8 لاجئ بالآليات الحمائية للاتحاد الاروبي كما أحدث لهم ميكانيزم حمائي غير مسبوق . وفي ديسمبر 2022 تم تعبئة 580 مليون اورو من دول الاتحاد الاروبي .
الحقيقة الاولى : لأول مرة في العصر الحديث يصل عدد اللاجئين في العالم إلى 114 مليون لاجئ. لم يحصل هذا لا في الحرب العالمية الاولى ولا الثانية فماذا سنسمي ما يعيشه العالم اليوم ؟هل عالمية الحرب هي مجرد رقم يطلقه السياسيون ومحللو النزاعات والجيوبوليتك ? ام الحرب هي ضحايا وأيتام ومشردون وثكلى وأرامل ومرحلون ؟
الحقيقة الثانية : ان ما يقارب 80٪ من اللاجئين يتم استقبالهم في الدول دات الدخل المحدود او المتوسط في احسن الأحوال ، تركيا ، ايران كولمبيا على سبيل المثال . فكم كانت كلمة الملك عبد الله الثاني قوية ،في الجلسة الافتتاحية وهو يعلن ان الأردن بلد ١١ مليون نسمة امكانياته العمومية محدودة ويعاني من قلة مياه رهيبة يستقبل أربع ملايين لاجئ اي ما يوازي تلث ساكنته ،وان العالم أدار له ظهره وان الوعود الدولية لم ينجز منها إلا 20ًً٪ وها هي المنطقة تشتعل من جديد وان غزة لن تزيد الوضع إلا توترا واحتياجا ومعانات إنسانية وخصاصا واضاف ان على العالم ان يكف عن التعامل مع أزمة دائمة باجراءات مرحلية .
الحقيقة الثالثة : فرنسا الدولة الراعية باسم أروبا لهذا المنتدى بجانب الأردن وكولومبيا
وأوغندا واليابان تعلن وزيرة خارجيتها Catherine Colonna من منصة المنتدى وهي مزهوة ان بلدها ستستقبل 3000 لاجئ سنويا .فرنسا التي فعلت ما فعلت ولازالت بافريقيا لقرن من الزمن ٠ فرنسا الحرية والكرامة وإعلان حقوق الانسان والمواطن (ها دشي لي قدرت عليه ).هل سمعت قاطنة quai d’Orsay ماقاله زميلها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي عن بلده لبنان ؟وماذا ستقول لتركيا التي بين جدرانها 3,5 مليون لاجئ مسجل .
فبعد الهجرة المختارة migration choisie هاي فرنسا تريد ان تؤسّس باوربا اللجوء التفضيلي فقد تعهدت ان تعطي الأولوية للنساء ( ولا احد ممكن ان يكون ضد ذالك)لكن الخوف انه بعد ذلك تنتقل إلى اصحاب الشواهد وإلى الشباب ….وحينها سنقفز من ايجابية الممارسة إلى تمييز القاعدة .
الحقيقة الرابعة ان سلوك الكيل بمكيالين الذي نهجته أروبا في تعاملها مع لاجئي أوكرانيا اسقط القناع وأحدث جرحا في الخاطر والقلب عبر عنه عدد كبير من الدول وجل المنظمات المدنية سواءا في منصة الخطابة او في ردهات المنتدى وكواليسه . فسقوط القيم الحضارية لاوربا كان قويا ومدويا هذه المرة فهل دقت ساعة نظرية ابن خلدون بأفول هذه الحضارة وتنبؤات فلاديمير بوتينن باندحارها ؟
فانهيار القيم باروبا اصبح جينيا génétique وها هي تصر على إعلانه والافتخار به بوضوح اكبر في ماساة غزة وكيف تعاملت معه الحكومات والنخب والإعلام الأوروبي .
الحقيقة الخامسة : ان المنتدى اكد لمن لازال يتشكك في التغيرات المناخية وأثرها على الحركات البشرية فعليه ان يتمعن في خريطة اللجوء العالمية والتحركات الداخلية فالبنك الدولي نفسة في تقريره Groundswel لسنة 2023 اكد انه في قل من الثلاثين سنة المقبلة سيكون 216 مليون نسمة مضطرة لمغادرة مكان عيشها داخل البلد بسب التغيرات المناخية .
الحقيقة السادسة حتى وان صاح الرجل الاول في المندوبية السامية للاجئين ان الخصاص المالي لهذه السنة يناهز 400 مليون دولار وان على المانحين الوفاء بالتزاماتهم وكدلك الرفع من منسوبها الا انه يبقى لابد من مواجهة أسباب اللجوء أصلا ،لا بد من عدالة دولية ناجعة ،ولا بد من ترسيخ قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ولا بد من الانخراط الفعلي في الوقاية من التغيرات المناخية كل من موقعه .
الحقيقة السابعة في الجلسة الختامية سواء في كلمة الامين العام للأمم المتحدة António Guterres ا أو كلمةFilipino Grandi فهما معا يعتبران ان ما يقع بغزة مرفوض انسانيا وسياسيا وحتى حربيا وبكل المعايير الدولية حتى وان كانا لا يستطيعان فرض أرجاع الأمور إلى نصابها في المنطقة.
وفي الأخير هل كانت أروبا في سنة 1951 سريعة الإدراك عندما أسست المندوبية السامية للاجئين باسم العالم لتهتم بلاجئيها فقط .في حين كان الجنوب ساذجا وبطيئ الفهم عندما صدق وعود الاهتمام بكافة اللاجئين وهكذا أصر الجنوب على استظهار كل بنود تلك الوثيقة المعروفة باتفاقية جنيف لحماية اللاجئين لسنة 1951 انطلاقا من مادتها التي تعرف اللاجئ بكونه “”كل شخص يوجد، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلى ذلك البلد. ”
مطار جنيف ف 16 دجنبر 2023
عبد الرفيع حمضي
المصدر : https://chamssalhakika.ma/?p=5498