قانون الإضراب …. ساعة الحقيقة

admin
2024-01-13T16:46:40+00:00
سلايدر
admin8 ديسمبر 2023آخر تحديث : منذ سنة واحدة
قانون الإضراب …. ساعة الحقيقة

قانون الإضراب …. ساعة الحقيقة

صحيح جدا ان الحق في الاضراب غير منصوص عليه بصريح العبارة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي يخلد العالم في هذه الأيام ذكراه 75 .وإنما يستنبط من المواد المتعلقة بالحق في التجمع وفي الاحتجاج السلمي ،كما وردت في المادتين 21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .وصحيح كذالك انه ليس هناك أي صك اممي صادر عن الجمعية العمومية للامم المتحدة ،او احدى وكالاتها المتخصصة تناول الحق في الإضراب بشكل مجرد. فحتى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 عندما تناول الحق في الإضراب تناوله في سياق المادة الثامنة وربطه بضمان حرية تاسيس النقابات وممارسة نشاطها التأطيري للأجراء بما فيها إمكانية اللجوء إلى الإضراب .كما ان الاتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية لسنة1948 المتعلقة بالحرية النقابيّة وحماية الحق النقابي لم تشر إلى الاضراب ،وانما خبراء هذه المنظمة الدولية أسّسوا هذا الحق على إيحاءات المواد 2 .3 . 8 و10 من الاتفاقية .
وكما يعلم البعض فان منظمة العمل الدولية احدثت سنة 1919 و تتركب من ممثلي الحكومات ومنظمات اصحاب العمل ونقابات العاملين .وبالتالي طبيعيا انه من حين لآخر يثار بين الأطراف داخل المنظمة ،خاصة بين لجنة المعايير ولجنة الخبراء ،نقاش حول موضوع الاضراب .لكن اعتقد ان اخطر نقاش حول الموضوع كان في سنة 2012 عندما اعتبر ممثلوا النقابات بمنظمة العمل الدولية انهم سجلوا محدودية ممارسة حق الاضراب على المستوى الدولي فكان الرد قويا من ممثلي الباطرونا عندما تساءلوا اين هو الإطار المعياري الدولي الذي يبيح اللجوء إلى الاضراب أصلا ؟.
مناسبة هذا الكلام هو للتأكيد ان الاضراب امر في غاية الأهمية، لا يؤطره الدفاع عن المصالح الفئوية المشروعة للعاملين فقط .ولهذا فالمشرع العالمي اعطى حق اللجوء اليه إلى الهيئات النقابية حصريا وأوكل اليها مسؤولية تأطير العاملين وتنظيمهم والسمو بوعيهم الجماعي من اجل رفع الأداء بالمؤسسة الإنتاجية سواء كانت ادارية اوتجارية من القطاع العام او الخاص على السواء وكذلك لان المنظومة الدولية تعتبر النقابة شريك اجتماعي فريد وأساسي .
ولازلت أتذكر عند إنجازي في أواسط الثمانينات لبحث الإجازة حول “العمل النقابي في ظل شروط الأزمة بالمغرب “قال لي الدكتور عبد المجيد بوزبع وهو حينها الرجل الثاني بعد نوبير الأموي في الكنفدرالية الديمقراطية للشغل رحمهما الله معا .ان النقابة وجدت لتحافظ على العمل ،اللائق طبعا ،وتقديسه لانه هو رأسمال الأجراء والقيمة المثمنة للموارد البشرية والمنتج للتنمية الشاملة وأضاف وتضحية النقابي الحقيقي تكون من اجل الحفاظ على هذا الرأسمال اولا وتثمينه ثانيا وثالتا استفادة أطراف الإنتاج من عائده .اين نحن من هذا الكلام الذي مر عليه الان أربعون سنة تقريبا .
بالعودة إلى سياقنا الوطني فحق الاضراب منصوص عليه في كل الدساتير منذ1962
ومنذ ذلك التاريخ وهو مشروط بصدور قانون ينظمه . وفي تقديري فقد أخطأت الأطراف الثلاث المعنية بالموضوع اي الحكومة وارباب العمل والنقابات في رهاناتهم .فكل طرف راهن على لحظة ضعف الطرف الآخر للحديث عن تنظيم حق الاضراب وذلك لتحقيق مكاسب وهمية ،وكأن المجتمع جامدا لايتحرك وينتظر الضوء الأخضر من هذا او ذاك ليبدع صيغه مادام الطبيعة تكره الفراغ .
وبقدر ماكانت رهانات الأطراف صغيرة كان المارد يكبر ويكبر في صمت وبعيدا عن الأضواء .وكم من إشارة لاحت في حينها ولا من منتبه اليها. أُغلقت معامل وافلست مؤسسات بفعل حركات عشوائية نتيجة اما تهور طرفا الإنتاج او احدهما مع تلكئ الادارة في غالب الاحيان ،واسألوا الوزير جمال أغماني ماذا وقع بسلا والبيضاء حين تبخرت في الهواء آلاف مناصب الشغل .
فهاهو المارد قد خرج من القمقم وهاهي الحكومة أصبحت تريد الحوار وتدعوا اليه والنقابة ليس لها ما تقايض به ،وهي في وضع الشفقة. ماذا ربحت الحكومات من إضعاف النقابات ؟وماذا استفاد اصحاب العمل من تجاهل النقابيين او التضييق عليهم؟ وماهي مسؤولية النقابات في ما اوصلت نفسها اليه ؟حتى اصبح زعماء النقابات رجال أعمال والبعض الآخر من رجال الأعمال نقابيون .
ان الاضراب اجراء من مسوولية الهيئات النقابيّة ، وهو ليس قفزة في الهواء، فحتى وان حقق مطالب انية ،فسرعان ما ستتبخر عندما سينصرف كل إلى حاله وعمله .فالباطرونا بما تملكه من وسائل انتاج ،والحكومة بما لها من آليات التشريع والتقنين والقوة لا يمكن التناظر معهما إلا بهيئات نقابية منظمة ذات تمثيلية حقيقية لا تعمل بشكل موسمي .
الان ومشروع قانون الاضراب وقد عرض من طرف الحكومة السابقة على البرلمان وهي لم تكن تملك جرأة استكمال مساره ،لانه لم يتم التوافق حوله مع باقي الشركاء كما هو التقليد في بلادنا في كل النصوص المماثلة .
توافق المغاربة على مدونة الشغل سنة 2004 وتوافقوا على قانون حوادث الشغل والأمراض المهنية ، ونظام التقاعد وغيره من النصوص فلماذا لا يتوافقون على قانون الاضراب .؟
وفي الأخير فالمطلوب من الحكومة الحالية اما سحب المشروع من البرلمان والتشاور بشأنه وهذا سيكون عين العقل ،واما دعوة مجلس النواب الى برمجة مناقشته ؟
كما ان على بعض النقابات ان لا تربط التوافق على مشروع قانون الاضراب ،بالتوافق على مشروع النقابات . احميني في الثاني أتساهل معك في الاول .
فالمغرب الحالي اكبر من ذلك بكثير
جنيف في 12 دجنبر 2023

عبد الرفيع حمضي

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.