القِيَمْ ….وَقِلَّتْ التْرَابِي

admin
سلايدر
admin25 نوفمبر 2023آخر تحديث : منذ سنة واحدة
القِيَمْ ….وَقِلَّتْ التْرَابِي

القِيَمْ ….وَقِلَّتْ التْرَابِي
اختارت اكاديمية المملكة المغربية موضوع دورتها الحالية ،”الاسرة وأزمة القِيم“ وهو موضوع بالاهمية بمكان .ومما لاشك فيه ان مخرجات هذه الدورة ،سيتم تصريفها في النقاش المجتمعي العمومي، عبر مؤسساته وقنواته. لكونها قضية مجتمع يُفْتَرَضُ الوعي بها وبأعطابِها ، في افق استدراك ما يمكن استدراكه من خلل ،اذا كان الوقت لازل يسعف ذلك .
وفي انتظار ان ينتهي المشاركون في هذه الدورة وهم كلهم فرسان للفكر كل في مجال تخصصه .وبالتاكيد ان اختيار هذا الموضوع كانت له حيثياته ومسوغاته المسنود عليها من طرف المنظمين .لكننى افترض ان انطلاق النقاش سيكون حادا منهجيا لان واجهة الموضوع في رأيي فيها حكم اخلاقي قبلي Jugement de valeur على الاسرة ، قبل الاستهلال في تفكيكها واعادة تركيبها علميا.
في الوقت الذي ان النقاش سيمتد لامحالة الى “الاسرة والقيم” بشكل عام وسيكون الحكم عند نهاية الدورة وعند تقديم التقرير التركيبي والنهائي ،
وتعميما للفائدة- ودون الرجوع الى ما كتب عن الموضوع عند فلاسفة اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد حيث اعتبرت الحرکة السفسطائية أن القيمَ متغيرةٌ ونسبيةٌ ،و ذاتية وغير موضوعية في حين يرى سقراط وتلميذه أفلاطون وأرسطو بأن القيم مطلقةٌ وثابتة وأنها تقوم على العقل-
فيمكن القول بشكل مبسط وتعميما للفائدة ان القيم هي ( الأخلاقيات والمبادئ السامية التي نشأ عليها الفرد والتي تضع له القواعد الرئيسية لتعاملاته مع الآخرين. وتتعدد هذه المبادئ ما بين العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة. …) حسب احد الباحثين.
وقد يبدو ان القيم فكرة مجردة ،الا ان علماء الاجتماع قد تمكنوا منذ زمان من اعتماد سلم لقياسها وقابليتها للتقييم . واعتقد ان هذا ما ستقوم به اكاديمية المملكة في اطار هذه الدورة، مع ان الثابت علميا (ان مالايمكن قياسه لا يمكن تدبيره ) .
و للقيم عدة مميزات اهمها انه مكتسبة من المعتقدات والدين والمجتمع والمحيط ومن التاريخ وحتى الجغرافية .وهنا يصبح السؤال مشروعا هل ما تعيشه الاسرة المغربية ازمة في القيم فعلا ؟-ام هو تحول في وظيفتها فقط؟ .وهل الازمة في بنية الاسرة ام مكتسبة من المجتمع ؟ ،مع الاقرار باهمية الاسرة كمؤسسة اجتماعية محورية في البناء المجتمعي .
وهل تحولات المجتمع واكراهاته الاقتصاديه والقيمية والمجتمعية احتوت الاسرة وفعلت ما فعلت ام ان (قلت الترابي )هي التي اثرت في منظومةالقيم بالاسرة ؟
دعوني اتقاسم معكم هذه الحكاية .
فجيلنا يتذكر جيدا ان المال بشكله النقدي والعيني والعائد من شبهة (رشوة او فساد او مخدرات..،) كان صاحبه يُخْفيه عن اهله واسرته قبل حيه ومحيطه .ولا خلاف ان الفساد كان موجودا في ذلك الوقت ايضا الا انه لم يكن (قيمة )اجتماعية، وفاعله ومرتكبه لا يتباها بعائده ولا يظهر عليه وعلى اسرته .وان تجرأ و فعل ،فلن يكون محل تقدير اجتماعيا ولن يُلْجَأَ اليه ككبير العائلة او الحي للاستشارة او التشريف في مناسبة دينية او اجتماعية .
اما الحال الان فالمهم هو ان يكون الشخص ذو مال وثراء ،يمنحه الجاه في القبيلة والمدينة والمقعد في البرلمان والحكومة -اما سؤال الثراء غير المشروع و من اين لك هذا ؟ فقد أوأده الدكتور سعد الدين العثماني قبل ولادته والذي سيسأل عنه هنا او هناك ،بأيِ ذنب قُتِل؟- وهكذا انتقلت القيمة الى المال ولا يهم مصدره ،واصبج العمل عاريا ولا قيمة له ،مادام الكسب السريع عُبِدَت امامه ،طريق سيار فهاهو الفاسد والمرتشي اصبح ( الاستاذ والسيد الرئيس) وَمُرَوِضَةُ الرقيق الابيض اصبحت (الحاجَّة ) مع تفخيم الجيم .والمتهرب من الضرائب (قافز ومعلم ) وتاجر المخدرات (مولاي الشريف ) الذي يبني المساجد ويطعم المحتاجين وسُعاتِ السبيل الذين نأمل ان ينقدهم الدعم المباشر ومشاريع الحماية الاجتماعية من مذلة الوقوف افواجا افواجا امام اقامات هولاء السادة الجدد .
فهل هذه الازمةً القيمية مركز زلزالها في الادارة والمقاولة والمؤسسات والاحزاب والنقابات والمجتمع بأتمه؟ ام هي ازمة قيم في الاسرة فقط ؟
لي اليقين ان جودة العروض التي سيقدمها الاجلاء اعضاء وعضوات اكاديمية المملكة المغربية ستستحضر جل ماكتب في الموضوع قبل الاسلام وبعده وسيدرسون Goody و
‏ RK Mukherjee و M.Haralambos وRily وغيرهم كثير على ضوء ما تعرفه الاسرة المغربية والمجتمع المغربي من تحول .
واتمنى ان تكون مخارج نقاشهم بداية سياسة عمومية واضحة .
فالقيم ليست طقوس تلقن في الزوايا والاضرحة وانما هي مبادئ سامية محركة للتنمية في كل ابعادها.
تنبيه هام : كل تشابه في الاحداث فهو من باب الصدفة او للضرورة

عبد الرفيع حمضي

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.